السعوديّة بعد الإتفاق مع إيران: الحياد الإيجابي في الإستحقاق الرئاسي
مقالات وتحقيقات
2023-05-05

لم يعط السفير السعودي وليد البخاري في جولته على المسؤولين والقيادات السياسية والروحية، جوابا حاسما وشافيا عن موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي لاي من الفريقين: المؤيد لسليمان فرنجية او المعارض له. ويستخلص من الموقف الذي عرضه، ان السعودية تتجنب تزكية مرشح على آخر، او وضع «فيتو» على اي مرشح.
ويقول مصدر واسع الاطلاع ان تصريحات البخاري المقتضبة، تعكس الى حد كبير ما قاله في لقاءاته التي اجراها حتى الآن، مشيرا الى انه حرص على القول في احد اللقاءات ان « ليس لدينا اي مرشح مفضل على اي مرشح آخر، ولا نعترض على احد . نحن مع اللبنانيين في اختيار من يرونه الافضل لتولي الرئاسة «. وحرص ايضا على التأكيد في كل لقاء على ان السعودية تريد وتحثّ اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية في اقرب وقت ممكن، لان في ذلك فائدة لكل اللبنانيين، وهي لا تحبذ ابدا استمرار الفراغ الحاصل باي شكل من الاشكال.
وفي رأي المصدر ان هذا الموقف السعودي يؤشر حتى الآن الى ان الرياض لا ترغب في اقحام نفسها في مفردات الترشيحات الرئاسية، وهي تحاول خصوصا بعد الاتفاق مع ايران ان تكرس موقفها المعلن بانها على مسافة واحدة من الجميع في مثل هذا الاستحقاق . ويضيف المصدر ان مضمون الموقف الذي ركز عليه البخاري ايضا، هو ان المملكة لن تعرقل انتخاب اي مرشح، وهذا يشمل سليمان فرنجية، لكنها في الوقت نفسه لا تريد ان تمارس ضغوطا مباشرة على من هم محسوبون عليها للقبول بانتخاب فرنجية او اي مرشح آخر، معتمدة ممارسة نوع من الحياد في شأن حسم الخيار الرئاسي .
ماذا يعني هذا الموقف بالنسبة للاطراف السياسبة اللبنانية؟
١ - في اعتقاد اوساط الفريق المؤيد لفرنجية ، ان حرص المملكة على عدم وضع «فيتو» عليه، ينطلق من انها بعد الاتفاق السعودي - الايراني لم تعد متشددة في شرط ضمان الرئيس ارساء افضل العلاقات مع الدول العربية عموما ودول الخليج خصوصا ، لان هذا الشرط اصبح واقعا مضمونا عمليا في ظل الانفراج في العلاقة مع ايران، وفي ظل المناخ المستجد على صعيد الانفتاح العربي – العربي، لا سيما مع سوريا.
٢ - يرى الفريق المعارض ان الرهان على احداث تغيير دراماتيكي سريع في الموقف السعودي تجاه الاستحقاق الرئاسي اللبناني بعد الاتفاق مع ايران، هو رهان في غير محله ، خصوصا في ظل المعارضة المسيحية القوية لانتخاب فرنجية. وتعتقد اوساط هذا الفريق ان الرياض ليست في وارد ممارسة الضغوط او اتباع سياسة الاملاء على اطراف الفريق المذكور لتعديل موقفهم، والقبول بخيار الفريق الآخر.
٣- يتفق الفريقان على ان السعودية لا تحبذ، بل تحذر من استمرار التعطيل والفراغ في لبنان لاعتبارات عديدة ابرزها: ان تفاقم واضطراب الوضع في لبنان قد يؤثر ويحدث ارباكات واشكاليات في المناخات الايجابية المستجدة، اكان على صعيد الانفراج في العلاقة مع ايران ام على صعيد تحسين الاجواء على الساحة العربية مع تنامي الانفتاح مع سوريا .
٤- صحيح ان السعودية لم تنتقل الى مرحلة ممارسة الضغط على حلفائها في لبنان للسير في التسوية، التي تشتغل عليها فرنسا اي انتخاب فرنجية مقابل إختيار رئيس حكومة، يخلق توازنا سياسيا في العهد المقبل ، لكن وقوفها على الحياد بشكل معلن وصريح يترك الباب مفتوحا لنسبة ملحوظة من النواب، لا سيما النواب السنّة لحرية الاختيار، حيث ان نسبة كبيرة منهم تميل لانتخاب فرنجية.
ويخلص المصدر الى القول ان السعودية انتقلت بعد الاتفاق مع ايران من الحياد السلبي الى الحياد الايجابي، وهي رسالة يمكن البناء عليها لاعادة خلط او ترتيب الاوراق اللبنانية تجاه الاستحقاق الرئاسي.
ولان الموقف السعودي هو موقف مؤثر في مسار الاستحقاق الرئاسي، تعتقد مصادر نيابية مطلعة، ان هذا الموقف الرمادي نسبيا يترك الباب مفتوحا للتفسيرات والتكهنات بشأن درجة حسم الخيار او هوية الرئيس المقبل . لكن الدعوة الصريحة لانهاء حالة الفراغ والتعطيل الى جانب معطيات ومواقف اخرى، تبعث على الاعتقاد ان نسبة حظوظ انتخاب الرئيس قبل تموز المقبل، هي نسبة جيدة وربما مرتفعة. وفي هذا المجال ما زال الرئيس بري على قناعته بانه لن يدعو الى جلسة جديدة لانتخاب الرئيس تكرر مشهد الجلسات السابقة، وينتظر نضوج مناخ جلسة منتجة، ربما تكون في مطلع حزيران المقبل.