قررت الولايات المتحدة الأميركية إقفال الباب أمام أي باب للحل أو اتفاق لوقف إطلاق النار، وتبعتها كل الدول الأوروبية بينما لا حيلة للدول العربية على فعل أي شيء. وفيما حاولت باريس، أخيراً القيام بمبادرة لوقف العدوان، إصطدمت بفيتو أوروبي توّلت ألمانيا تأمينه، تحت عنوان أن «لا أحد يريد الكلام مع لبنان». هذه هي خلاصة الحركة الدبلوماسية، وفق ما تقول مصادر مقربة من الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، مؤكدة أن «المجتمع الدولي قرر إعطاء إسرائيل كل الوقت الذي يلزمها للقضاء على حزب الله وفريق الممانعة في لبنان، حتى يقبل هذا الفريق نفسه في نهاية المطاف بالشروط المطلوبة على الصعيدين الأمني والعسكري».
ولا توفّر الولايات المتحدة جهداً في استخدام كل الوسائل للضغط على المقاومة. ففي موازاة آلة القتل الصهيونية التي تستمر في ارتكاب المجازر والتدمير، يتولى الأميركيون أمر الساحة الداخلية ليس فقط عبر الضغط على القوى السياسية وإنما عبر زرع الفوضى التي تؤدي الى توترات مناطقية، ويركز هؤلاء تحديداً على ملف رعاية النازحين المطلوب تركهم وإهمالهم وعدم تأمين المساعدات الكافية لهم على مختلف الصعد، بقصد حصول انفجار إجتماعي يشكل كتلة ضغط على المقاومة، بما أن النازحين هم من بيئتها. وقد برزت في هذا السياق، تساؤلات جدية حول الدور الذي تقوم به الدولة أولاً، ثم الجيش الذي يبدو غائباً تماماً، ومتنصلاً من واجباته. والكلام عن تعامل الجيش، كقيادة وليس كمؤسسة، أصبح متداولاً بشكل واسع في الكواليس السياسية، وهناك شبه إجماع حول أن «قائد الجيش جوزف عون يعمل من أجل تعزيز حظوظه الرئاسية». وكشفت مصادر بارزة أنه في «أحد الإجتماعات بين الجيش والحكومة، طلب مجلس الوزراء من المؤسسة العسكرية القيام بالدور نفسه الذي لعبته بعد انفجار المرفأ لجهة تنظيم المساعدات وإدارة توزيعها، لكن عون رفض تولي المسؤولية متذرعاً بأن دور الجيش هو حماية الحدود والحفاظ على الاستقرار الداخليّ». واعتبرت المصادر أن ما «قاله عون ليس سوى تهرب من مسؤوليته، فعن أي حماية حدود يتحدث وهو الذي أعاد انتشار وحداته في مواقعٍ استراتيجيّة على الحدود عشية التوّغل الإسرائيليّ بطلب من الخارج»؟ وإذا «كانت حماية السلم الأهلي تدخل ضمن مهامه، أليسَ ملف رعاية النازحين يدخل ضمن هذا الإطار؟ ألا يعلم قائد الجيش أن ترك النازحين من دون مساعدات ولا تنظيم قد يؤدي إلى توترات مناطقية»؟
السفيرة الأميركية طلبت من عون عدم فتح طريق المصنع
واعتبرت المصادر أن «عون يراعي مصالحه الشخصية على حساب الوضع الحساس في البلد، وأنه أكثر من أي وقت مضى يرضخ للطلبات الأميركية»، وآخرها «اتصال من السفيرة الأميركية ليزا جونسون اعترضت فيه على قرار بإعادة فتح طريق المصنع الذي استهدفها العدو الإسرائيلي، بعدَ أن كان الجيش ينوي معالجة الأضرار هناك»!
على صعيد آخر، تواصلت الحركة الداخلية حيث زار رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة وقال إن «المطلوب رئيس لا يتآمر على المقاومة ونحن في ضوء ربط الجبهات شئنا أم أبينا، ولو لم يدخل الحزب في الحرب في 8 تشرين الأول لكانت الأمة العربية خوّنته». وشدد فرنجية على أن «برّي لا يزال داعماً لترشيحه والبعض أعلن استسلامه قبل المعركة، لكن فلننتظر المعركة ونتائجها». وقال فرنجية إن «الأيام المقبلة ستكون عكس رغبات الاسرائيلي وستكون لمصلحة لبنان، والمحور الذي ننتمي اليه لا يتعاطى بسياسة البيع والصفقات على عكس المحور الآخر». وتأتي زيارة فرنجية إلى عين التينة، وفقَ ما قالت أوساط سياسية، استكمالاً للقاء الثلاثي بين بري وميقاتي والنائب السابق جنبلاط. وهي تأكيد من فرنجية على أنه لم يتراجع عن ترشيحه بعد الحملة التي أطلقها فريق المعارضة واعتبر فيها أن اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرلله أطاح بحظوظه الرئاسية.