محمد محمود شحادة
يفترض البعض جدلية اعلامية حول ان هناك تناقض بين رئاسة المجلس النيابي و المقاومة الشعبية على المستوى السياسي، مقتاداً بذلك دون صدفة من الصحفي الاسرائيلي ايدي كوهين، فما هو الوضع القانون لهذه الحالة؟
هناك قاعدة اساسية تشريعية في القانون الدولي العام وهي مسالة ” الاعتراف” فكما ان الدولة المعترف بها تقع عليها مسؤولية دولية ويحق لها ان تطالب بحقوقها الدولية ايضاً، فإن هناك اعتراف ايضاً بالاحزاب السياسية او بالعمل الحزبي وعليه فان مجمل رؤساء العالم ووزراء حكوماته قادمين من منظمات سياسية حزبية وخاصة الدول الغربية، وهناك اعتراف اخر مشرع في القانون الدولي العام وهو الاعتراف بحركات التحرر الوطني تجاه الاستعمار والانتداب والاحتلال والتصدي للعدوان، هذا واضح في القانون الدولي العام، اضافة الى ديباجة ميثاق الامم المتحدة التي اكدت على حق الشعوب في تقرير مصيرها، وعليه فقد اعترفت هيئة الامم المتحدة بمنظمة التحرير الفلسطينية عام ١٩٧٤، واعتراف بياسر عرفات رئيساً للسلطة الفلسطينية وهو يرتدي البذلة العسكرية، فإذاً هذا الإعتراف الدولي وهذا الحق القانوني إضافة الى واجب الوطني للمقاومة الشعبية، كل ذلك مقترن ان بالنظام السياسي في لبنان وهو نظام برلماني ديمقراطي اي ان الشعب هو من يقرر في انتاج المؤسسات ورؤسائها فكذلك من واجبه ان يتصدى ( الشعب) للدفاع عن هذه المؤسسات من اي عدوان خارجي يبدأ بالدفاع عن ارضه وهذا من موجبات المواطنة على المواطن ان يساند المؤسسة العسكرية بتشكيل حركات تحرر ( مقاومة) فيكون في هذه الحالة الشعب هو القائد المشترك بين العملية السياسية في رئاسة المؤسسات السياسية و المقاومة الشعبية على الارض، وهذا حكماً يجب ان يتمثل بشخص سياسي منتخب من قبل هذا الشعب وفق الارادة الشعبية هو الرئيس نبيه بري.
فهذا ليس تناقض لا بل انه تكامل، لانه ليس اعتراف بحركة تمرد انما هو اعتراف بحركة تحرر، اما حركة التمرد فكانت في شباط ١٩٨٤ وهو تمرد على السلطة التي وقعت اتفاق ١٧ ايار، هنا يكون التناقض موجود في حالة واحدة اذا كان نبيه بري مسؤولاً في المؤسسة الدستورية، ولكنه لم يكن وزيراً فهو قد توزر لاول مرة بعد هذا التاريخ اي بعد نجاح الانتفاضة واعاد للجيش سلطته على بيروت الغربية والضاحية لان المقصود تحقق وهو اسقاط الاتفاق وليس المطلوب غير ذلك ولم يشهد له بحركة تمرد منذ ذاك التاريخ حتى اليوم.
فبالنهاية هل يرضى بحسابات العقل والوطنية ان تتخلى الحركة عن المقاومة وتوقف دورها الوطني بالدفاع عن الجنوب ولبنان بعدما وصلت بحضورها الى الرئاسة؟ فهذا يعرضها بالحد الادني لخسارة الرئاسة والمقاومة معاً، لذلك قال الرئيس عام ١٩٩٧ : اعطيهم الف مجلس نيابي ولا اتخلى عن المقاومة، وهذا قد يكون خطابا عاطفياً بالشكل ولكن بالمضمون هو خطاب عقل ووعي بحيث اننا نستطيع العودة الى رئاسة المجلس الف مرة ليس كشخص بل كحركة طالما اننا نملك قوة المقاومة التي نحافظ بها على سيادتنا ونقوم بواجباتنا تجاه مؤسساتنا الدستورية بديمقراطية دون وصايا او انتداب او احتلال .