ليست وسائل الإعلام مجرّد تقنيات لنقل الخبر والحدث إنّما هي ادوات بين يدي صنّاع القرار لخلق اراء وتوجيهها لاهداف معينة. الخبر الذي يصلك يوميا يتعرّض لكثير من الفلترة وفق أجندات تتبعها سلطات رأس المال المتحكمة برسائل وسياسات وسائل الإعلام.
بعد رصد لوسائل اعلاميّة متنوّعة الاتجاهات وتحليل للآراء فيما يخصّ الحرب القائمة، تبيّن أنّ ما تحاول وسائل الإعلام الغربيّة والعربيّة المتصهينة فعله هو تمرير رسائل مؤطرة تسقط في لاوعي “المتلقي” الّذي لم يتعلّم بعد كيف يحلل.
كلّ النّظريات الإعلاميّة عبر التاريخ وحتّى اليوم يتمّ استخدامها بشكل مدروس لتصبّ في مصلحة “الإسرائيلي”. هذا الزّخم من الصّور الإجراميّة المقترفة الّتي تظن وسائل الإعلام عبره أنّها تحقق مبتغاها في إظهار العدوّ كمجرم عوّدت عقل “المتلقي” على هذه المشاهد فأفقدته الاحساس وخدرت مشاعره إلى اشعار اخر ، ليصبح الضحايا مجرد ارقام .
ما بين التحليل وبث الرسائل الملغومة من قبل وسائل الاعلام، يتبدّل سلوك المتلقين وتوجهاتهم لا سيما في المراحل الحساسة والحرجة كالتي نعيشها اليوم .
الشاهد اليوم هو رد فعل بعض شركائنا في الوطن عند كل غارة، واتهامهم المقاومة بأنها سبب ضربات العدو على قرى وبلدات الجنوب، بعد أن كان الفكر المقاوم هو أساس المجتمع اللّبناني. اذا تلاعبت وسائل الإعلام بالعقول وفق جدول أعمالها الّذي وضع كلّ تصرّف مقاوم تحت طائلة الاستفهام ، حتّى تمكنت “اسرائيل” من رسم صورة دفاعيّة لنفسها بألسن النّاس عند كل قصف أو غارة أو عمل ارهابيّ يقوم به هذا الكيان بتأجيج النّاس على المقاومة، فتشغل العقول بأسئلة على نحو “ماذا يوجد في الغازية حتى تقصف؟” بينما تقوم بعمليات أخرى كقتل طفلة هنا واغتيال عائلة هناك ، واعتداء على صحافي واستهداف سيارة إسعاف … ومرّة أخرى تنجح اسرائيل في اشاحة أنظار العالم عن أفعالها وتصويب أصابعهم بدلا من ذلك على المقاومة ليُدان ردّ الفعل بدلا من الفعل، ولتُتّهم المقاومة بالتّفريط بالأرواح، وهذا بتحفيز الأفكار ذات الصّلة في أذهان الجمهور بعد اغراقهم بالتّصورات المسبقة كادعائهم بوجود مستودعات أسلحة للمقاومة في الغازيّة كذريعة لتنفيذ عملهم الإجرامي ، وسابقًا زعمهم وجود أسلحة للمقاومة في مرفأ بيروت .
ومرّة أخرى تُصدَّق الرّوايات “الإسرائيلية” بينما لا يأخذ “المتلقي” حتّى بعين الاعتبار تصريحات الجانب المقاوم ، كلّ هذا عملت عليه اسرائيل طويلا ووسائل الإعلام لخلق مصداقيّة للاسرائيليّ وانتظار تصاريحه كمصدر موثوق للأخبار .
يفتقر اللبناني “الحربوق”، الذي يتحولّ مع كل أزمة الى خبير ومحلل وطبيب ، إلى الثقافة الإعلامية كثيرا .
بقلم: أمل نصرالله