تشير أبحاث جديدة إلى أن الكائنات الفضائية الذكية قد تعرف عن وجودنا بالفعل، وذلك بفضل الإشارات التي نبعثها دون قصد من المطارات والقواعد العسكرية.
وتوضح النتائج الأولية للدراسة التي قادها راميرو كايس سايد، مرشح الدكتوراه في الفيزياء الفلكية بجامعة مانشستر، أن الكائنات الفضائية التي تبعد حتى 200 سنة ضوئية يمكنها نظريا اكتشاف الإشارات الكهرومغناطيسية المتسربة من مراكز الطيران العالمية.
كما يمكن اكتشاف أنظمة الرادار العسكرية. وبفضل نمطها الفريد، ستظهر هذه الإشارات “مصنوعة بوضوح بواسطة كائنات ذكية لأي مراقب يمتلك تلسكوبات راديوية قوية”، وفقا لكايس سايد.
وأضاف: “في الواقع، يمكن أن تظهر هذه الإشارات العسكرية أقوى بمئة مرة من نقاط معينة في الفضاء، اعتمادا على موقع المراقب. وتشير نتائجنا إلى أن إشارات الرادار -المنبعثة دون قصد من أي كوكب يمتلك تكنولوجيا متقدمة ونظام طيران معقد- قد تكون علامة كونية على وجود حياة ذكية”.
ومع ذلك، فإن هذه الإشارات ستستغرق سنوات عديدة لتصل إلى أي حضارات فضائية تبعد 200 سنة ضوئية عن الأرض. فالمطارات والعمليات العسكرية لم تبدأ في بث إشارات بهذه القوة إلا منذ الخمسينيات، وبالتالي فإن الحد الأقصى للمسافة التي يمكن للكائنات الفضائية اكتشافها حاليا هو نحو 75 سنة ضوئية في جميع الاتجاهات.
جدير بالذكر أن البحث عن حياة خارج الأرض ليس أمرا جديدا. فمنذ أكثر من 150 عاما، يحاول العلماء التواصل مع الكائنات الفضائية. وفي عام 1974، أرسلوا رسالة من مرصد أريسيبو في بورتوريكو. وعرفت هذه الرسالة باسم “رسالة أريسيبو”، واحتوت على شفرة ثنائية تحمل معلومات عن الكيمياء الأساسية للحياة، وبنية الحمض النووي، ومكان الأرض في النظام الشمسي، وحتى رسما بشريا بسيطا. ولكن حتى الآن، لم نتلق أي رد.
ويعتقد بعض العلماء أن إرسال رسائل متعمدة للفضاء قد يكون خطرا، لأنه قد يجذب كائنات غير ودية. لكن المفارقة هي أننا بالفعل نرسل إشارات دون أن نخطط لذلك، عبر أنظمة الرادار والاتصالات.
ولدراسة هذا الأمر، قام الفريق بمحاكاة كيفية انتشار إشارات المطارات في الفضاء، ووجدوا أن بعض النجوم القريبة، مثل نجم “برنارد” الذي يبعد 6 سنوات ضوئية ونجم AU Microscopii الذي يبعد 32 سنة ضوئية عن الشمس، قد تكون قادرة على التقاط هذه الإشارات. والإشارات العسكرية، رغم أنها أضعف، إلا أنها أكثر دقة وتركيزا واتجاهية، ما يخلق نمطا صناعيا واضحا يشبه شعاع المنارة الذي يمسح السماء.
وفقا لكايس سايد، فإن فهم كيفية إدراك الكائنات الفضائية الذكية لوجودنا يمكن أن يساعد في توجيه بحثنا عنها. وقال إن تحديد ودراسة “البصمات التكنولوجية” لكوكبنا -أي العلامات القابلة للاكتشاف لتكنولوجيتنا- يمكن أن يخبر الفلكيين بما يبحثون عنه في الكواكب الأخرى.
في الوقت نفسه، “نكتسب رؤى قيمة حول كيفية حماية الطيف الراديوي للاتصالات وتصميم أنظمة الرادار المستقبلية”، كما قال الباحث المشارك مايكل جاريت، أستاذ الفيزياء الفلكية في جامعة مانشستر، في البيان. “يمكن أيضا استخدام الأساليب المطورة لنمذجة هذه الإشارات الضعيفة واكتشافها في علم الفلك، والدفاع الكوكبي، وحتى في مراقبة تأثير التكنولوجيا البشرية على بيئتنا الفضائية”.