أعلن وزير الصحة ركان ناصر الدين قراره إعادة السماح لمياه تنورين بالإنتاج والتعبئة يما يضمن سلامة صحة المواطنين، وذلك بعد اتمام معمل تنورين لملاحظات فريق الهندسة الصحية التقنية في الوزارة، والتزامها وتعهدها بالشروط الفنية والإدارية اللازمة،
جاء ذلك في مؤتمر صحافي عرض فيه ناصر الدين المسار التقني والفني الذي اتبعته وزارة الصحة العامة في مسألة “مياه تنورين” وشرح فيه اجراء الإيقاف الاحترازي للشركة بحسب القانون.
حضر المؤتمر المدير العام للوزارة بالوكالة فادي سنان ومديرة برنامج الترصد الوبائي الدكتورة ندى غصن ومديرة الوقاية الصحية في وزارة الصحة العامة المهندسة جويس حداد ورئيس مصلحة الهندسة الصحية إحسان عطوي.
إستهل ناصر الدين المؤتمر الصحافي بالقول إن صحة المواطنين اللبنانيين لا تعرف لونا أو طائفة أو مذهبا أو سياسة، وكلنا نأكل من اللقمة نفسها ونشرب من النبع نفسه ووزارة الصحة لم ولن تكون في عهدنا إلا لكل اللبنانيين. وشرح تقنيًا ما يتعلق بمختبرات فحص المياه في لبنان.
أوضح أنه لغاية عام 2007، كان لدى لبنان مختبر مركزي مرجعي يُعتمد عليه في إجراء تحاليل دورية للمياه. إنما للأسف لم يعد يعمل. والبشرى الحالية أن الوزاة تعمل على مختبر مركزي مرجعي دوائي بتمويل من البنك الدولي ووبائي بتمويل من بنك الاستثمار الاوروبي. أضاف أن الوزارة اعتمدت منذ عام 2015، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، ثمانية مختبرات مرجعية في كل من بعلبك، ضهر الباشق، حلبا، النبطية، راشيا، صيدا، طرابلس ومستشفى الحريري. وهي تعمل بحسب معايير منظمة الصحة العالمية، وتم تجديدها وتجهيزها وتحديثها عام 2024 بدعم من المنظمة. ولفت في هذا المجال إلى البيان الصادر عن مستشفى الحريري الذي يؤكد أن المختبر يعمل فيها وفق الشروط المطلوبة عالميًا بحسب الأصول.
ثم تناول كيفية عمل الوزارة للتدقيق بسلامة المياه، عبر كل من مديرية الوقاية برئاسة السيدة جويس حداد، وبرنامج الترصد الوبائي برئاسة الدكتورة ندى غصن. وأوضح أن فريق الترصد يتحرك وفق إشارات وبائية يتم رصدها سواء ببلاغات من قبل مؤسسات صحية تابعة للوزارة أو عبر الخط الساخن 1787 أو عبر فريق ترصدي إستقصائي. وقال إن الفريق وبكادر متواضع جدا يضم 53 مراقبًا صحيًا، قام عام 2025 بـ305 مهام ميدانية وأنجز في المياه وحدها 70 مهمة وجمع أكثر من 150 عينة مياه من مختلف المصادر. وقد حصل الأمر مع أكثر من شركة في لبنان، وتبين في أماكن معينة مشاكل وتم إقفالها في بيروت خلال هذه السنة.
وتابع عن أسباب التقصي في مياه تنورين قائلا إن شكاوى وردت عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول إشكالية تتعلق بهذه المياه، وكذلك أفاد أشخاص أنهم استخدموا مياه تنورين في إطار متابعة حالات أمراض منقولة عبر المياه. وهذا الأمر إعتُبر من قبل فريق الترصّد الوبائي إشارة وبائية وقرر التحقق والتقصي التقني.
وبناء عليه، جمع فريق الترصد الوبائي 5 عينات من الأسواق في بيروت وجبل لبنان وأرسلها الى مختبر مستشفى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأظهرت 3 من العينات وجود باكتيريا فيها (Pseudomonas aeruginosa). ولفت الوزير ناصر الدين إلى أن جمع عينات المياه تم في زجاجات معقمة ومصممة خصيصًا من ضمن بروتوكول نقل عينات المياه.
وتابع أن هذا الإجراء الأولي تبعه إجراء ثان في المعمل حيث تم جمع إحدى عشرة عينة بتاريخ الثامن من تشرين الأول وأُرسلت إلى مختبري ضهر الباشق والحريري، وكذلك تبين في واحدة منها في مختبر ضهر الباشق وجود الباكتيريا نفسها المذكورة أعلاه، والتي وجدت في عينات مأخوذة من الأسواق.
وقال إن العينات التي أُخذت من المعمل، شملت كل الخطوط باستثناء النبع، وقد ظهرت الباكتيريا في خط من خطوط الإنتاج. أضاف أنه بحسب القانون اللبناني، ينص المرسوم الإشتراعي رقم 108 في مادته التاسعة عشرة على التالي: “توقف أعمال التعبئة في المعمل مباشرة، ولا يسمح باستئناف العمل قبل التأكد من الماء أو المرطّب إلى حين يصبح سليما غير ملوّث بموجب قرار من الوزير نفسه”. وعلى هذا الأساس قامت وزارة الصحة العامة بهذا الإجراء بحسب القانون، فاتخذ القرار بإجراء احترازي يتمثل بالتوقيف الموقت يصار في خلاله إلى التوسع في التحقيق من خلال عيّنات إضافية والكشف على المعمل وإعطاء الإرشادات لبناء القرار النهائي.
وذكّر بأنه كان خارج البلاد عندما صدرت نتائج المرحلة الثانية من العينات. وقال إنه اتصل بنظيره الوزير نزار هاني باعتباره وزير الصحة بالوكالة، مشيرًا إلى أنه أيضًا وزير زراعة بالوكالة عندما يغيب الوزير الأصيل الدكتور نزار هاني. وحرص على تأكيد ثقته بالوزير الدكتور هاني الذي تفهم الإجراء الإحترازي والتقني الذي أرادت وزارة الصحة العامة اتخاذه. وقال إن الوزير هاني تعرّض لما تعرّض له، موجها له التحية لجرأته ومهنيته وتوقيعه على القرار.
وأردف ناصر الدين متابعًا أنه بعد الإجراء الإحترازي، تم التوسع في أخذ عينات إضافية للتدقيق بها قبل اتخاذ القرار النهائي. وبالفعل تم إرسال عينات إضافية من الأسواق إلى مختبرات إضافية جامعية ومرجعية كالتالي: ثلاث عينات إلى مختبر الأبحاث الصناعية وثلاث عينات إلى مختبر الجامعة الأميركية في بيروت. وقد أتت نتائج هذه العينات سليمة وخالية من البكتيريا وتم الإعلان عنها ببيان واضح صدر في وقت سابق (يوم الخميس) عن وزارة الصحة العامة.
في الموازاة، تم إرسال فريق تقني موسع من الترصد الوبائي والهندسة الصحية ومصلحة الصحة في الشمال للكشف على المعمل، وتحديدا على خط الإنتاج الذي ظهرت في عينة مأخوذة منه سابقًا الباكتيريا، وكذلك تم الكشف على الخزان والنبع وأخذ عينات إضافية. وأعطى الفريق الإرشادات والملاحظات الفنية والتقنية للمعمل الذي أبدى تجاوبًا مع هذه الملاحظات ونفذ الإجراءات التقنية المقترحة. ومباشرة تم الكشف اليوم أيضا من قبل فريق الهندسة الصحية على المعمل للتأكد من الإجراءات التي قام بها بحسب الإرشادات.
وقد تبين بعد فحص عينات جديدة أن هذه العينات سليمة من الباكتيريا.
وتابع قائلا: “لذلك وبناء على الإجراء الإحترازي الذي قامت به وزارة الصحة لحماية المواطنين، وبناء على نتائج الفحوصات الإضافية التي أثبتت خلو المعمل والعينات الإضافية من البكتيريا، وبناء على التزام الشركة بالإرشادات التي تقدمنا بها وبناء على تعهد الشركة بالإنتاج من ضمن الأصول الفنية والإدارية لوزارة الصحة، نعلن اليوم إعادة السماح لشركة تنورين بالإنتاج وتعبئة المياه في لبنان”.
وأكد أن رسالته لكل اللبنانيين أن الموضوع تقني بحت، والمياه تسقي الكل ولبنان أكبر من أن نغرقه في شربة ماء.
وختم مؤكدًا على تعاون الشركة التي قامت بكل الإجراءات الممكنة بوجه السرعة لحل الموضوع، وشاكرًا فريق وزارة الصحة العامة على التوسع بالكشف والتقدم باقتراحات المعالجة، أما التراشق الإعلامي والإتهامات بحق وزارتي الصحة والزراعة والتراشق المعاكس فليس سوى إشارة سلبية حول تعاملنا مع بعضنا البعض والخيار الصحيح والخيار السليم هو الإنتماء للوطن.
وردا على أسئلة الصحافيين أوضح أن الوزارة تقدمت بملاحظات فنية وتقنية إذ طلبت من الشركة أن يكون الفيلتر بعيدًا عن خط الإنتاج وقد تجاوبت الشركة بسرعة باتباع الإرشادات. وأكد أن وزارة الصحة العامة ستستمر بالإجراءات التقنية والفنية بعيدًا عن السياسة وأي ضغط طائفي أو مذهبي فما يعنينا هو صحة اللبنانيين بالمطلق وأن تكون المنتجات في السوق اللبنانية وفق المعايير العالمية والتي تعتمدها وزارة الصحة العامة.