رأى رئيس الهيئة التنفيذية لحركة أمل، مصطفى الفوعاني، أن لبنان يقف اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، عند مفترق وطني بالغ الدقة والخطورة، في مرحلة يعترف الجميع بثقلها وتداعياتها، مرحلة تختبر صلابة الدولة والمجتمع، وتضع اللبنانيين أمام مسؤولياتهم الوطنية والأخلاقية والتاريخية. وأكد أن الخروج من النفق المظلم، ومواجهة التحديات المتراكمة سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا، لا يمكن أن يتحقق إلا بتعزيز التضامن الداخلي، والعودة الجدية إلى منطق الحوار الوطني الصادق، بعيدًا عن السياسات العدائية، والرهانات الخاسرة، والاصطفافات العقيمة التي لا تخدم مصلحة لبنان ولا تصون وحدته واستقراره.
وشدد الفوعاني على أن حركة أمل كانت وستبقى واضحة في مواقفها، ثابتة في خياراتها، منسجمة مع الخط السياسي الذي أرساه الإمام القائد السيد موسى الصدر، وحمله من بعده دولة الرئيس نبيه بري، والقائم على أن أقصر الطرق إلى مواجهة العدو الإسرائيلي، وأصدق أشكال المقاومة، تبدأ من إنهاء الصراع الداخلي، وتحصين الجبهة الوطنية، والتمسك بالقاعدة الذهبية التي صنعت الانتصارات وحمت لبنان: الجيش والشعب والمقاومة، بوصفها معادلة تكامل لا تناقض، وقوة لا ضعف، ووحدة لا انقسام.
وجاء كلام الفوعاني خلال لقاءات موسعة مع فعاليات بلدية واختيارية وتربوية وحزبية في الهرمل، خُصصت لبحث الأوضاع العامة والهموم المعيشية والتحديات الوطنية الكبرى، بحضور شخصيات دينية وقيادات حزبية وممثلين عن القوى السياسية ورؤساء بلديات ووفود شعبية،ومسؤول الهرمل محمد نديم ناصرالدين
وتوقف الفوعاني مطولًا عند تاريخ العدوان الصهيوني المستمر على لبنان، مؤكدًا أن هذا الوطن، من جنوبه إلى شماله، ومن بقاعه إلى ساحله، كان ولا يزال عرضة للاعتداءات منذ العام 1948، حيث سُفكت الدماء، وارتُكبت المجازر، ودُمّرت القرى، وهُجّر الأهالي، مستعيدًا مشاهد الإجرام التي لا تسقط بالتقادم، من مجزرة حولا إلى سائر المجازر التي نفذتها العصابات الصهيونية، حيث أُعدم الأبرياء بدم بارد، وهُدمت المنازل فوق رؤوس ساكنيها، في جرائم موصوفة ضد الإنسانية.
وأكد الفوعاني أنه، في ظل استمرار الاحتلال لأراضٍ لبنانية، ووقوع أكثر من أحد عشر ألف خرق للسيادة اللبنانية، وسقوط ما يزيد على ألف وأربعمئة شهيد وجريح، لا يجوز وطنيًا ولا أخلاقيًا تحميل المقاومة مسؤولية العدوان، لأن في ذلك تبريرًا مباشرًا لجرائم العدو، ومحاولة فاضحة لتبييض صفحته، عبر أصوات وأقلام تدّعي السيادة زورًا، فيما تتغاضى عن القتل والتدمير والاعتداءات اليومية.
وفي الشأن الحكومي، شدد الفوعاني على أن الدولة اللبنانية، بكل مؤسساتها، مطالبة اليوم بالوقوف الصريح إلى جانب شعبها، ودعم صمود المواطنين في أرضهم، ولا سيما في المناطق الأمامية، وتعزيز قدرات الجيش اللبناني وتمكينه من أداء دوره الوطني الكامل، إلى جانب تفعيل الحضور السياسي والدبلوماسي للبنان في المحافل الدولية، والعمل الجاد والمسؤول على ملف إعادة الإعمار، بعيدًا عن الحسابات الضيقة والمزايدات.
كما تطرق إلى موقف البعض مؤكدًا أن أي مقاربة للعلاقات الخارجية يجب أن تنطلق من موقع تمثيل الدولة اللبنانية وسياساتها الجامعة، لا من منطلقات حزبية أو فئوية، داعيًا إلى موقف حكومي موحد تجاه القضايا الوطنية، لأن وحدة الموقف قوة للبنان، ولأن إقفال الأبواب لا يخدم مصلحة الوطن سياسيًا ولا اقتصاديًا ولا وطنيًا.
وختم الفوعاني بالتشديد على قضية الأسرى اللبنانيين في المعتقلات الصهيونية، معتبرًا أنها قضية وطنية بامتياز، وأن استمرار احتجازهم يشكّل جرحًا مفتوحًا في الضمير الوطني، يستوجب تحركًا عاجلًا ومسؤولًا من الدولة وكل المعنيين، عبر تفعيل كل القنوات السياسية والدبلوماسية والقانونية للضغط من أجل إطلاق سراحهم، معربًا عن أمله بأن تفضي اللقاءات الرسمية، ولا سيما مع فخامة رئيس الجمهورية، إلى تبديد الهواجس ووضع آلية سريعة وفعالة، لأن قضية الأسرى ليست قضية أفراد، بل قضية وطن وكرامة وسيادة.

