كشفت دراسة حديثة، أجراها باحثون في وايل كورنيل للطب-قطر، عن كيفية تطوّر فيروس SARS-CoV-2 خلال جائحة “كوفيد-19”.
أجريت الدراسة من خلال تعاون بحثي مقره قطر، بمشاركة 6 مؤسسات علمية، حيث استندت إلى تحليلات وبائية موسعة شملت أكثر من 1.5 مليون شخص، وغطت فترة 4 سنوات منذ بداية الجائحة.
وكشفت الدراسة أن الفيروس خضع لطفرات جينية سريعة أدت إلى ظهور متغيرات متعددة بقدرات متباينة من حيث الانتقال وشدة الإصابة والقدرة على التهرب من المناعة.
وأوضح الباحثون أن SARS-CoV-2 ركز في مراحله الأولى على زيادة قابليته للانتقال بين الأفراد، لكنه لاحقا، وخصوصا بعد ظهور متحوّر “أوميكرون”، تطور ليعزز قدرته على التهرب من الجهاز المناعي.
وأظهرت النتائج أنه قبل ظهور “أوميكرون” في أواخر عام 2021، كانت المناعة الطبيعية المكتسبة من عدوى سابقة توفر حماية قوية وطويلة الأمد ضد إعادة الإصابة، بفعالية تقارب 80%.
لكن مع تحول “أوميكرون” إلى السلالة السائدة، لم تعد المناعة الطبيعية طويلة المدى، حيث أصبحت فعالة فقط لدى المصابين حديثا، لكنها تراجعت بسرعة إلى مستويات غير ملحوظة خلال عام واحد. وكانت هذه التغيرات متسقة سواء تم قياس إعادة العدوى بشكل عام أو اقتصرت على الحالات المصحوبة بأعراض.
وأوضحت الدكتورة هيام كيميتلي، المعدة الأولى للدراسة والأستاذة المساعدة في أبحاث علوم الصحة السكانية في وايل كورنيل للطب-قطر، أن “التطور المستمر للفيروس، إلى جانب قدرته المتزايدة على التهرب المناعي، يجعل من الصعب تحقيق مناعة مجتمعية طويلة الأمد”.
وأضافت: “قصر مدة المناعة يؤدي إلى موجات متكررة من العدوى، ما يعكس الأنماط التي نشهدها مع فيروسات البرد والإنفلونزا”.
ووفقا للدراسة، شكّل “أوميكرون” نقطة تحول رئيسية في مسار الجائحة؛ فقبل ظهوره، كان الفيروس يزيد من قدرته على الانتقال نظرا لأن معظم الناس كانوا غير مصابين بسبب التدخلات الصحية العامة الصارمة. وفي هذه الفترة، ظهرت متغيرات شديدة العدوى مثل ألفا ودلتا.
لكن بعد ظهور “أوميكرون”، تغير مسار التطور الفيروسي، إذ أدى الانتشار الواسع للعدوى والتطعيمات إلى تكوين مناعة مجتمعية واسعة، ما فرض ضغطا على الفيروس لتطوير آليات جديدة للتهرب المناعي. ونتيجة لذلك، انخفضت المناعة الطبيعية ضد العدوى المتكررة بشكل سريع، ما سمح بظهور متغيرات فرعية شديدة التنوع وراثيا مثل XBB وJN.1.
وحذرت كيميتلي من أن الفيروس سيظل موجودا وسيواصل إعادة إصابتنا، مؤكدة أن “التحديث المستمر للقاحات ضروري لتجديد المناعة وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر، مثل كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة”.
نشرت الدراسة في مجلة Nature.